كتب فريق من المحامين أن قوات الأمن المصرية أوقفت الباحث والصحفي المعروف إسماعيل الإسكندراني عند نقطة تفتيش في محافظة مطروح يوم الأربعاء، ثم نقلته إلى نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة. ويُعَدّ الإسكندراني من أبرز الخبراء في النزاع الدائر بسيناء وقضايا الفئات المهمشة هناك، وقد قضى سبع سنوات في السجن بين عامي 2015 و2022، وهو اعتقال وصفته منظمات حقوقية بالتعسفي نتيجة عمله في تغطية أوضاع شبه الجزيرة التي صنفها الجيش منطقة حرب لعقد كامل تقريبًا.
ذكرت ميدل إيست آي أن السلطات المصرية أعادت اعتقال الإسكندراني بعد يومين فقط من الإفراج عن الناشط البارز علاء عبد الفتاح بقرار رئاسي. وأكد حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن الباحث ظهر أمام نيابة أمن الدولة وطلب حضور محامٍ للدفاع عنه. بينما أوضح المحامي الحقوقي خالد علي أن الإسكندراني تعرض للإيقاف أثناء عودته من سيوة عبر مطروح، وكتب بنفسه منشورًا على فيسبوك قال فيه إنه أُوقف عند حاجز أمني قرب مرسى مطروح، قبل أن تنقطع الاتصالات به ويُغلق هاتفه، مما أثار قلق أسرته وأصدقائه ومئات المتابعين له. لاحقًا أعلنت منظمات حقوقية نقله من مطروح إلى القاهرة لعرضه على النيابة.
أثار غياب الإسكندراني المفاجئ مخاوف واسعة نظرًا لتجربته السابقة كمعتقل سياسي. فقد اعتقلت السلطات الباحث أول مرة في نوفمبر 2015 فور وصوله إلى مطار الغردقة قادمًا من برلين، حيث كان يُحضّر أطروحته للماجستير في الأديان المقارنة. ووجهت له النيابة العسكرية تهمًا شملت "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة"، وهي اتهامات اعتادت الحكومة استخدامها ضد معارضيها. وأصدرت المحكمة العسكرية في مايو 2018 حكمًا بسجنه عشر سنوات، قبل أن تخفف العقوبة في الاستئناف إلى سبع سنوات.
أفرجت السلطات عن الإسكندراني في ديسمبر 2022 بعد أن أنهى مدة العقوبة كاملة. نقلته آنذاك من سجن بدر إلى الإسكندرية، واحتجزته لفترة قصيرة في قسم شرطة المنتزه 2، ثم أطلقت سراحه. أدانت منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية هذا السجن المطوّل، واعتبرت القضية مسيّسة تهدف إلى إسكات أصوات الباحثين المستقلين.
منذ الإفراج عنه، عاد الإسكندراني إلى الكتابة والبحث، وتناول قبل أيام فقط قضية صيادين احتجزتهم السلطات بدعوى دخولهم مناطق عسكرية من دون تصاريح. وجاء اعتقاله الجديد ليؤكد استمرار سياسة السلطات المصرية في ملاحقة الأصوات المستقلة، بحسب الحقوقيين.
يشير ناشطون إلى أن واقعة الإسكندراني جزء من نمط أوسع، إذ تتهم منظمات حقوقية حكومة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي باحتجاز ما لا يقل عن 60 ألف سجين سياسي منذ وصوله إلى الحكم عقب انقلاب 2013. وتشمل هذه الأعداد صحفيين وسياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، ما يعكس حالة القمع الممتدة في البلاد.
يرى مراقبون أن توقيت إعادة اعتقال الإسكندراني بعد الإفراج عن علاء عبد الفتاح يحمل رسائل متناقضة: فمن جهة تسعى السلطة إلى إظهار مرونة أمام الضغوط الدولية عبر إصدار قرارات عفو، ومن جهة أخرى تؤكد استمرارها في تكميم المعارضين الجدد أو القدامى. ويعتبر حقوقيون أن مثل هذه السياسات تزيد من عزلة النظام داخليًا وخارجيًا، في ظل انتقادات متصاعدة من منظمات حقوقية دولية لحجم الاعتقالات والانتهاكات.
هكذا يظل اعتقال الإسكندراني، الذي كرس سنوات بحثه لفهم تعقيدات سيناء وهموم سكانها، مؤشرًا على الضيق الذي تواجهه الأصوات المستقلة في مصر، ورسالة واضحة بأن مجال الحريات لا يزال محاصرًا رغم الوعود الرسمية بالإصلاح والانفتاح.
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-detains-top-sinai-expert-ismail-alexandrani-say-lawyers